"القوات" تتحدّث عن "تسونامي"... هل كرّستها الانتخابات البلدية "الرابح الأكبر"؟!

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"القوات" تتحدّث عن "تسونامي"... هل كرّستها الانتخابات البلدية "الرابح الأكبر"؟!, اليوم الخميس 22 مايو 2025 04:12 صباحاً

منذ بدء الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان قبل ثلاثة أسابيع، حاولت القوى السياسية التقليل من وقعها بالحديث عن أبعاد عائلية ومحلية وإنمائية تطغى على الجوانب السياسية فيها، مستندة في ذلك إلى طبيعة التحالفات الانتخابية التي قد تبدو غريبة في بعض الدوائر، ولعلّ أكثرها "غرابة" ذلك الذي شهدته العاصمة بيروت مثلاً، حين اتّحد "حزب الله" و"القوات اللبنانية" مثلاً في لائحة واحدة، إلى جانب معظم أحزاب المنظومة.

مع ذلك، لم يكن ممكنًا حجب الدلالات السياسية عن الكثير من المحطّات الانتخابية، ومنها مثلاً في بيروت حيث مُني "التغييريون" مثلاً بهزيمة قاسية، دفعت رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل مثلاً إلى الحديث عن سقوط "كذبة المجتمع المدني"، وفي بعلبك الهرمل حيث أثبت "الثنائي الشيعي" أنه لا يزال يمتلك "الحيثية التمثيلية الأقوى" رغم كلّ الظروف والمتغيّرات، وقبلهما في جبل لبنان حيث دحضت العديد من القوى "بروباغندا" السقوط.

لكنّ كلّ ما سبق يبدو في وادٍ، وما حصل في زحلة في وادٍ آخر، وفق ما يقول العارفون، في ضوء ما وُصِف بـ"الانتصار الكبير" الذي حقّقته "القوات" في مواجهة تحالف واسع، شمل إضافة إلى الخصوم، كلّ الحلفاء "المفترضين"، بما في ذلك حزب "الكتائب" و"الوطنيين الأحرار"، والنائب ميشال ضاهر، والنائب السابق سيزار معلوف، فضلاً عن "حزب الله"، فيما نأى "التيار الوطني الحر" و"الكتلة الشعبية" بنفسهما، ظاهريًا، في اللحظة الأخيرة.

صحيح أنّ عوامل عدّة تضافرت لتحقّق هذا "الانتصار" لـ"القوات"، إلا أنّ السؤال يُطرَح عمّا إذا كانت قد كرّست بذلك زعامتها المُطلقة على الشارع المسيحيّ، بعيدًا عن "الثنائيات أو الثلاثيات"، وهل يعني ذلك حصول عملية "تسلم وتسليم" بينها وبين "التيار الوطني الحر"، وهو ما فُهِم من حديث المحسوبين عليها عن "تسونامي"، بدا في مكانٍ ما غمزًا من قناة "التيار"، في استعادة ضمنية لمفهوم "التسونامي العوني" الذي ظهر عام 2005؟!.

بالحديث عن "معركة زحلة"، يتقاطع الجميع على أنّ ما تحقّق "قواتيًا" ليس أمرًا عاديًا، ولا عابرًا، فالاستحقاق الانتخابي هنا تحديدًا كان "مسيّسًا" منذ اللحظة الأولى، وقد اختارت "القوات" أن تواجه الجميع بمفردها، فكان الانتصار المطلق ومن دون أيّ خرق "صادمًا"، وهو ما أدركته قيادة "القوات" جيّدًا، بدليل انتقال معظم نوابها وقياديّيها ليلة الأحد، مع بدء ظهور النتائج، إلى زحلة للاحتفال بـ"العرس الديمقراطي" الذي تحقّق.

يقول العارفون إنّ عوامل عدّة أسهمت في تحقيق هذا الانتصار، بعضها يرجع إلى قوة "القوات"، لكنّ بعضها الآخر يرجع إلى كيفيّة إدارة الطرف الآخر للمعركة، وهي إدارة افتقرت للكثير من البديهيّات المطلوبة، ففيما كانت ماكينة "القوات" مثلاً نشطة، كانت ماكينات معظم القوى الأخرى تعمل بالحدّ الأدنى، وفيما كانت لائحة "القوات" ترفع شعار التغيير، كانت اللائحة المضادة تقوم على "القديم"، بعدما احتكر تركيبها رئيس البلدية السابق.

أكثر من ذلك، ثمّة من يقول إنّ الأحزاب الداعمة للائحة "زحلة رؤية وقرار" برئاسة أسعد زغيب، تبنّت خيارات الأخير عمليًا، بعدما "احتكر" التوزيع، وهو ما أدّى في نهاية المطاف إلى عدم الاتفاق مع "التيار الوطني الحر" الذي حاول أن يطرق أبواب "القوات"، فسُدّت أمامه، وحتى رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، رغم إعلان زغيب في وقت سابق دعم الأخيرة للائحة التي يرأسها، في مواجهة لائحة "القوات".

وبهذا المعنى، ثمّة من يعتبر أنّ موقف "التيار الوطني الحر" و"الكتلة الشعبية" لعب دورًا في النتيجة النهائية، إلا أنّ هناك من يشير إلى أنّهما لم يتّخذا موقفهما، إلا عندما أدركا بأنّ الأمور على الأرض ذاهبة باتجاه "اكتساح قواتي"، ما يؤكد تفوّق "القوات" عمليًا، خصوصًا في زحلة التي لطالما كانت ساحة صراع بين القوى المسيحية التقليدية، وهو ما يفترض أن يدفع القوى الأخرى إلى إعادة النظر بخطابها ومراجعة أدبيّاتها.

بنتيجة الانتصار الذي تحقّق في زحلة، خرجت "القوات" بخطاب "التسونامي"، إن صحّ التعبير، وهو ما بدأه رئيسها سمير جعجع نفسه ليلة الانتخابات، حين قال إنّ "زحلة طلعت قد الكل لوحدها"، مشيرًا إلى أنها اختارت التقدم والتغيير والحضارة والسيادة والشهداء. ولكن ماذا يعني هذا الانتصار، على مستوى "القوات"، وعلى مستوى الشارع المسيحي العام، وأيّ تبعات مفترضة له، وكيف ينعكس على الاستحقاق النيابي المقبل؟.

بالنسبة إلى "القوات" أولاً، فإنّ انتصار زحلة، معطوفًا على نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية بصورة عامة، بدءًا من جولتها الأولى في محافظة جبل لبنان، يؤكد بما لا يحتمل اللبس، أن "القوات" باتت في مكانٍ آخر، وأنّها تحوّلت من حزب مسيحي تقليدي، إلى "حالة شعبية" بأتمّ معنى الكلمة، وهو ما يؤكده الالتفاف والاحتضان الشعبي الذي تكرّس انتخابيًا، بعكس قوى أخرى تبحث عن أيّ "فوز"، مهما كان ضئيلاً، من أجل "حفظ ماء الوجه".

ويعتبر المحسوبون على "القوات" أنّ هذا الأمر ثمرة طبيعية لأداء "القوات" على امتداد الفترات الماضية، ولا سيما بعدما أثبتت الأحداث الأخيرة، منذ الحرب الإسرائيلية على لبنان، وما ترتّب عليها، صوابية موقفها، على الأقلّ أمام الشارع المسيحي، وهو ما دفع بقوى أخرى إلى محاولة "الاستلحاق"، لكن بعد فوات الأوان، بمواقف بدت بمثابة "ثورة" على أداء سنوات طويلة، وهو ما طرح علامات استفهام بالجملة حول العلاقة بين المبادئ والمصلحة.

في المقابل، يعتبر كثيرون أنّ انتصار "القوات" يبقى "موضعيًا" حتى إثبات العكس، فصحيح أنّ "القوات" كرّست زعامتها من بوابة زحلة، مع ما تعنيه من ثقل مسيحي، وصحيح أنّها فضحت تراجع الحلفاء والخصوم، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّها لا يمكنها أن تخوض الانتخابات النيابية مثلاً وفق المقاربة نفسها، إذ ستحتاج إلى حلفاء حقيقيين وجدّيين، بالنظر إلى اختلاف طبيعة القانون والنظام الانتخابيَّين، بين ما هو أكثري مطلَق وما هو نسبيّ معقّد.

وقبل هذا وذاك، يقول البعض إنّ احتفاء "القوات" بما تسمّيه "تسونامي" قد يكون بحدّ ذاته إشكاليًا، وقد أثبتت التجارب التاريخية أنّ "التسونامي" لا يدوم، بدليل تجربة "التيار الوطني الحر" الذي حقّق في انتخابات 2005 مثلاً ما لم يكن متوقّعًا في مواجهة تحالف رباعي كانت "القوات" جزءًا منه، فإذا بالسحر ينقلب على الساحر اليوم، فهل يمكن القول إنّ الشارع المسيحي أمام معادلات جديدة في المرحلة المقبلة؟!.

أخبار ذات صلة

0 تعليق