حرب إيران تنتهي على "ألغاز"... من يستطيع فكّ "شيفرتها"؟!

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حرب إيران تنتهي على "ألغاز"... من يستطيع فكّ "شيفرتها"؟!, اليوم الخميس 26 يونيو 2025 04:12 صباحاً

فجر الجمعة في 13 حزيران، استفاق العالم على عدوان إسرائيلي مفاجئ ومباغت على ​إيران​، التي كانت تتحضّر لجولة سادسة من المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، فإذا بها تتعرّض لهجوم واسع أدّى في ليلة واحدة إلى اغتيال عدد كبير من قادة هيئة الأركان والحرس الثوري ومقر خاتم الأنبياء وغيرها من المؤسسات العسكرية والأمنية، إضافة إلى عدد من العلماء النوويين، فضلاً عن استهداف منشآت نووية ومصانع صواريخ وبنى تحتية عسكرية.

كانت تلك "ضربة افتتاحية" لعملية عسكرية أطلقتها إسرائيل تحت اسم "الأسد الصاعد"، وقالت إنّ هدفها إنهاء التهديد الصاروخي البالستي ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي، "ضربة" بدت قاسية على إيران، وقد شبّهها كثيرون بمجزرة "البيجر" التي شنّها الإسرائيليون ضدّ لبنان، مع موجة الاغتيالات التي أعقبتها وشملت كبار قادة "حزب الله"، بمن فيهم أمينه العام السابق وزعيمه التاريخي السيد حسن نصر الله، فضلاً عن خليفته السيد هاشم صفي الدين.

شيئًا فشيئًا، استطاعت إيران أن تتجاوز الصدمة، وتبدأ الانتقام، تحت اسم عملية "الوعد الصادق 3"، التي شملت موجات واسعة من الصواريخ البالستية التي استهدفت المدن الإسرائيلية، بما في ذلك تل أبيب الكبرى وحيفا وبئر السبع وغيرها من المدن والمناطق، التي تحوّلت إلى "ساحة حرب حقيقية"، بعدما شهدت دمارًا واسعًا لم يعتد عليه الإسرائيليون في كلّ حروبهم المتعاقبة، حتى إنّ هناك من شبّه ما حلّ ببعض مناطقهم بما فعلوه في غزة وجنوب لبنان.

استمرّ الواقع على هذا النحو، إلى أن سُجّلت "نقطة التحوّل"، إن صحّ التعبير، فجر 22 حزيران، حين أعلنت الولايات المتحدة الدخول على الخط، عبر استهداف المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، من دون أن يُعرَف على وجه الدقّة حجم الضرر الذي أصابها في ظلّ تقارير متباينة، لتردّ طهران في "جولة الختام" بضربة ل​قاعدة العديد​ الجوية في قطر، وُصِفت بـ"الرمزية"، حتى إنّ الأميركيّين "شكروها" على إبلاغهم بها مسبقًا.

وبعد هذه الضربة، خرج الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ ليعلن أنّ الوقت قد حان لوقف الحرب، قبل أن يفاجئ العالم بعد ساعات قليلة بكشفه النقاب عن اتفاق لوقف إطلاق النار، قال إنّ إسرائيل وإيران وافقتا عليه، إعلانٌ لم يحجب الأسئلة التي يبدو أنّها ستبقى بمثابة "ألغاز" لأيام غير قليلة، فكيف انتهت هذه الحرب فعليًا، وهل يمكن الحديث عن غالب ومغلوب فيها، وقبل هذا وذاك، ما حقيقة الضرر الذي أصاب ​البرنامج النووي الإيراني​، وأيّ مصير ينتظره؟!.

في المبدأ، قد يكون من المبكر لأوانه الحديث عن "رابحين وخاسرين" في هذه المعركة، طالما أنّ نتائجها لم تتّضح بعد، ولو سارع كلّ طرف لإعلان "انتصار" غير مفهوم على خطّها، تمامًا كما أنّ ملابسات هذه الحرب لا تزال غير مفهومة، إذ لا يستطيع أحد أن يفكّ "لغز" بدايتها بصورة دراماتيكية ومفاجئة قبل يومين من جولة مفاوضات كان يفترض أن تكون حاسمة، ولا نهايتها في لحظة كان يُعتقد أنّها ستكون "فاصلة" على خطّ الحرب واتساع نطاقها.

في هذا السياق، يمكن للمحسوبين على كلّ طرف أن يتحدّثوا عن مقوّمات "انتصار"، كما يمكن للمحور الآخر أن "يفنّدها" بكلّ سهولة، فعلى سبيل المثال يقول الإسرائيليون إنّهم "انتصروا"، بالحديث عن تدمير القدرات الصاروخية والنووية لإيران، وقولهم إنّهم سيمنعونها من إعادة بناء برنامجها النووي، ويشدّدون على أنّ "تكتيك المفاجأة" الذي اعتمدوه صنع هذا "النصر"، بعد الاغتيالات التي شملت كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين.

لكنّ هذه السرديّة تصطدم بسرديّة أخرى، تعتبر أنّ إسرائيل لا تصنّف "رابحة" بالمطلق في هذه الحرب، وهي التي كانت "تستجدي" وقف إطلاق النار في الأيام الأخيرة، كما أنّ حديثها عن تدمير القدرات الصاروخية لإيران لا يستقيم، طالما أنّ إيران تعمّدت أن تكون صاحبة الطلقة الأخيرة، بل إنّها أطلقت موجات متسلسلة من الصواريخ في صبيحة وقف إطلاق النار، هذا من دون أن ننسى أنّ مصير البرنامج النووي لا يزال غير محسوم.

في المقابل، يقول المحسوبون على الطرف الإيراني إنّ الأخير هو الذي حقّق "النصر"، بإحباطه "المؤامرة" التي كانت تستهدفه، بدليل أنّ الإسرائيليّين أعلنوا في أكثر من مناسبة أنّ "إسقاط النظام" سيكون نتيجة طبيعية لهذه الحرب، وهو ما لم يحصل، حتى إنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال في النهاية إنّه "لا يريد أن يرى تغييرًا للنظام"، ويقول هؤلاء إنّ طهران ثبّتت "قوة الردع" رغم كلّ الشكوك، وأكّدت أنّ كل الأراضي المحتلة في مرمى صواريخها.

لكن، هنا أيضًا، لا يبدو الحديث عن "ربح صاف" في مكانه، في ظلّ التقارير الاستخباراتية التي تتحدث عن "أضرار هائلة" أصابت البرنامج النووي الإيراني، إن لم يكن قد دُمّر بالكامل، كما يعلن الأميركيون، وهو ما يعني أنّ الإيرانيّين خسروا جهودًا استمرّت لأكثر من عقدين من أجل بناء هذا البرنامج، من دون أن ننسى الخسائر البشرية التي لا تعوّض سواء على مستوى القادة العسكريين، أو العلماء النوويين، الذين كان التعويل عليهم لتعويض الأضرار.

وثمّة من يضيف الهجوم على قاعدة العديد في دولة قطر إلى سجلّ "الخسائر"، خصوصًا أنّه جاء "ضعيفًا"، وأقرب إلى "رفع العتب"، بالمقارنة مع الضربة الأميركية التي استهدفت المنشآت النووية، فضلاً عن أنّه أدخل إيران في "متاهة" في غير مكانها مع القطريين، الذين لطالما كانوا في موقع "الوساطة" بينهم وبين الأميركيين، حتى لو صحّ أنّهم أبلِغوا مسبقًا بالهجوم، ما دفعهم إلى وقف حركة الملاحة مؤقتًا، حتى انتهاء الهجوم، وتصدّي الدفاعات الجوية له.

وبين الإيرانيين والإسرائيليين، يرى البعض أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحده يستطيع أن يصنّف نفسه "رابحًا" بعد هذه الحرب، فهو انخرط فيها بالتوقيت الذي اختاره، بتسديد ما اعتبرها "الضربة القاضية" للبرنامج النووي، لكنّ ذلك لم يمنعه من لعب دور "الحَكَم" في النهاية، والخروج بمبادرة وقف إطلاق النار، وجرّ الإسرائيليين والإيرانيين على حدّ سواء إليه، في اللحظة المناسبة، بما منع توسيع الصراع، وتحويله إلى حرب إقليمية شاملة.

في مطلق الأحوال، يبقى الثابت أنّ الحرب التي انتهت فجأة كما بدأت فجأة، أقفلت على "ألغاز" تبحث عمّن يفكّ "شيفرتها"، ليس فقط على مستوى الرابحين والخاسرين فيها، ولكن قبل ذلك، على مستوى "مصير" البرنامج النووي، وسط شكوك تبدو مشروعة بما إذا كانت الحرب قد انتهت بالمُطلَق فعلاً، أم أنّها مجرّد "استراحة محارب" بين جولتين، خصوصًا أنّ جبهات "حروب الوكالة" في غزة ولبنان واليمن تبقى مفتوحة، حتى إشعار آخر!.

أخبار ذات صلة

0 تعليق