بكين تُفعّل سلاح المعادن النادرة.. ضغوط خفية في حرب النفوذ مع واشنطن

المشهد اليمني 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بكين تُفعّل سلاح المعادن النادرة.. ضغوط خفية في حرب النفوذ مع واشنطن, اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 12:46 مساءً

رغم توقيع هدنة تجارية مؤقتة بين الصين والولايات المتحدة لمدة تسعين يومًا، لم تتوقف بكين عن ممارسة ضغوط استراتيجية من خلال تشديد قبضتها على صادرات المعادن الأرضية النادرة. هذه المواد الأساسية تدخل في صناعة الإلكترونيات المتقدمة والمركبات الكهربائية والتقنيات العسكرية، ما يمنح الصين ورقة ضغط هائلة في صراع النفوذ العالمي المتصاعد. فحتى بعد تعليق الرسوم الجمركية مؤقتًا، لم تُظهر بكين أي نية لتخفيف ضوابط تصدير هذه المعادن، بل على العكس، عززت تطبيقها وفرضت رقابة صارمة على تدفقها إلى الخارج.

نظام ترخيص جديد يُعقّد المشهد الصناعي

اعتمدت الصين منذ أبريل نظام ترخيص صارم يُلزم الشركات بالحصول على موافقة حكومية لكل شحنة من المعادن الأرضية النادرة ومغناطيساتها. وعلى الرغم من أن النظام لا يمنع التصدير بشكل مباشر، إلا أن الموافقات قد تستغرق حتى خمسة وأربعين يوم عمل، مما يُحدث تأخيرات تعرقل سلاسل التوريد الأمريكية والأوروبية. حتى بعد محادثات جنيف الأخيرة، لم تُقدم السلطات الصينية أي إشارات حول نيتها رفع هذه القيود. ووفقًا لتصريحات وزارة التجارة الصينية، لا تزال المعلومات حول تخفيف الضوابط غائبة.

فولكس فاجن على قائمة "المُستفيدين المرحليين"

وسط هذا التوتر، بدأت الصين في منح تراخيص تصدير محدودة لبعض الشركات، منها شركة فولكس فاجن الألمانية، التي حصلت على تصاريح تصدير مغناطيسات تحتوي على عناصر مثل الديسبروسيوم والتيربيوم. هذه الخطوة، بحسب محللين، لا تُشير إلى تخفيف الرقابة، بل تؤكد أن النظام يعمل ضمن إطار انتقائي. فكل شحنة تحتاج إلى ترخيص منفصل، مما يزيد من تعقيد الإجراءات ويوفر لبكين رؤية كاملة لسلاسل الإمداد العالمية، بما في ذلك المستخدمين النهائيين لهذه المنتجات الحساسة.

تحرك استباقي ضد التهريب وتوسيع الرقابة

تزامنًا مع هذه الإجراءات، شنت السلطات الصينية حملة واسعة لمكافحة تهريب المعادن الاستراتيجية، بالتنسيق مع حكومات المقاطعات الغنية بالمعادن. وتهدف هذه التحركات إلى سد الثغرات في النظام الرقابي، ومنع التدفقات غير القانونية التي قد تُضعف النفوذ الاقتصادي لبكين. ويبدو أن الصين تستغل هذه الرقابة الصارمة لإعادة تأكيد هيمنتها على هذه الصناعة الحساسة عالميًا، دون الحاجة إلى فرض حظر مباشر يُعرضها للانتقادات الدولية.

رسائل جيوسياسية مشفّرة وراء التراخيص

يرى الخبراء أن استخدام الصين لتراخيص المعادن الأرضية النادرة يتجاوز كونه إجراءً تجاريًا، بل يمثل سلاحًا جيوسياسيًا دقيقًا. فعندما منحت الصين ترخيصًا لفولكس فاجن في ظل التوتر القائم بين واشنطن وبكين، كان ذلك إشارة دبلوماسية إلى ألمانيا، الحليف الغربي الذي يحافظ على علاقات قوية مع الصين. هذه الرسائل تُظهر كيف يمكن لبكين أن تُطوّع سلاح المعادن الاستراتيجية للتأثير في مواقف الدول الغربية، دون اللجوء إلى مواجهة مباشرة.

المعادن النادرة.. أداة النفوذ الجديدة

الصين، التي تهيمن على 61% من إنتاج المعادن الأرضية النادرة عالميًا و92% من عمليات معالجتها، لم تترك مجالًا للصدفة في إدارتها لهذا القطاع. فبينما تُطالب الدول الغربية بسلاسل توريد مستقلة وآمنة، تواصل بكين استخدام هذه الموارد النادرة كسلاح ناعم يُحقق مكاسب جيوسياسية ملموسة. وبذلك، تتحول المعادن الأرضية النادرة من مجرد مواد خام إلى أداة ضغط فعّالة تُعيد تشكيل موازين القوى الاقتصادية والعسكرية عالميًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق