نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
”الخوف من كل زاوية: تفاصيل عن أجهزة القمع الحوثية”, اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 01:25 صباحاً
في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، كشفت مصادر موثقة عن بنية أمنية واسعة النطاق تُعتبر من أخطر أنظمة القمع التي شهدتها المنطقة، حيث تشكل هذه البنية جزءًا من استراتيجية طائفية مركبة تستهدف إحكام السيطرة على السكان وتكميم الأفواه.
وبحسب تحقيق استناده إلى معلومات داخلية وشهادات مسؤولين سابقين، فإن المليشيا الحوثية نجحت في بناء شبكة استخباراتية متعددة الأذرع، تدار بشكل مباشر من قيادة أعلى، وتستند إلى تقنيات وأساليب مستوردة من عقلية الأمن الإيرانية، مما يعكس ارتباطًا استراتيجيًا عميقًا بين الجماعة والدولة الإيرانية.
وتشمل هذه الشبكة خمس مؤسسات أمنية رئيسية تعمل بتكامل وضوابط صارمة، وتعمل تحت رعاية مباشرة من "مكتب القائد"، وهو ما يدل على أن كل ما يتم تنفيذه يمر عبر سلسلة سلطوية ضيقة تتحكم في القرار الاستراتيجي. هذه المؤسسات تُستخدم لفرض النظام البوليسي، وتحقيق مهام تابعة للجماعة، وتُظهر مدى تطور المنظومة الأمنية الحوثية، والتي أصبحت تشبه دولة بوليسية سرية.
الأمن الوقائي: الذراع الأخطر
يعتبر جهاز الأمن الوقائي من أكثر الأذرع الأمنية خطورة داخل المنظومة الحوثية، وقد أسسه القيادي طه المداني -المعروف بـ"ظل القائد"- بإشراف ضباط إيرانيين في عام 2006، ليكون أول جهاز أمني رسمي للمليشيا. اليوم، يقوده أحسن الحمران، أحد أقرب القيادات إلى زعيم الجماعة، ويتم إدارة الجهاز من خلال عائلة الحمران، التي تمتلك شبكة معقدة تتضمن دوائر متخصصة في الرصد، ومكافحة التجسس، والإرهاب، والمنافذ.
ويقوم هذا الجهاز بحماية قادة المليشيا، ورصد الأفراد، بل ويتضمن عناصر من تنظيمي "داعش" و"القاعدة" الذين يشاركون في العمليات القتالية ضد الشرعية، مما يدل على تجاوز واضح للحدود الأخلاقية والأمنية.
الأمن والمخابرات: جهاز القمع العام
أنشئ هذا الجهاز في عام 2019 بقيادة عبدالحكيم الخيواني، ويحمل في طياته ملامح وزارة الأمن الإيرانية، حيث يتولى اعتقال الصحفيين والناس العاديين، وفرض أيديولوجية الجماعة، بالإضافة إلى إدارة شبكات غسل الأموال وتهريبها لتجنب العقوبات الدولية. كما يعتمد على فريق "أويل ألفا" للتجسس، باستخدام تقنيات متطورة في مجال الاتصالات، ويقوم بعمليات قمع منظمة عبر فروعه المنتشرة في المحافظات.
أمن الثورة: الإطلاعات بنسخة حوثية
هذه المؤسسة الحديثة تأسست بقيادة جعفر المرهبي، أحد قادة الظل، وتشرف عليها مباشرة قيادة الحوثيين. يُعتبر هذا الجهاز من أبرز أدوات القمع داخل الجماعة، حيث يقوم بمراقبة الأذرع الأخرى، ويُشبه دور "الإطلاعات" الإيرانية، ويدخل في مهمة التحكم بالجبهات، وتنفيذ المهام الخاصة ضد أي تيار داخل الجماعة قد يشكل تهديدًا.
استخبارات الشرطة: مراقبة المجتمع
تأسس هذا الجهاز في عام 2024 بقيادة علي حسين الحوثي، ابن مؤسس الجماعة، ويقع مقره في مبنى السفارة الأردنية السابق. يركز على مراقبة الأحياء السكنية والتجمعات، ويستخدم عناصر نسائية من "الزينبيات" للتجسس وإثارة الخوف لدى المواطنين. كما يتابع تحركات السكان والأجانب، ويحتفظ بفرق مداهمة نسائية ورجالية تقوم بعمليات اعتقال ليلية وقمع منهجي.
الاستخبارات العسكرية: عين الحاكم على الجبهات
هذا الجهاز يقوده أبو علي الحاكم، أحد القيادات المدرجة على قوائم الإرهاب، ويركز على جمع المعلومات من الجبهات. ومع ذلك، يعاني من مشكلات داخلية بسبب المحسوبية والصراعات بين القيادات، مما دفع الحوثيين لبحث إعادة هيكلة شاملة لهذه المؤسسة، وفق تقييم داخلي سري.
عالم من المعتقلات السرية والصراعات الداخلية
كشفت مصادر أمنية أن الحوثيين يمتلكون أكثر من 46 معتقلًا سريًا في مناطق سيطرتهم، وتستخدم مقرات دبلوماسية سابقة كمراكز للتحقيق والرقابة. كما أن الهيكل الأمني للمليشيا يشهد صراعات متصاعدة بين القيادات على النفوذ، مما يعكس توترًا داخليًا كبيرًا.
هذا المشهد المعقد يرسم صورة واضحة عن الوجه الآخر للمليشيا الحوثية، التي لا تكتفي بفرض سيطرتها العسكرية فقط، بل تبني مشروعًا أمنيًا يهدف إلى السيطرة الكاملة على المجتمع، وتحويله إلى منطقة تُحكم بالإرهاب والتجسس والقمع. إنها ليست مجرد جماعة مسلحة، بل نظام يسعى لبناء دولة بوليسية سرية، تعيش على القهر، وتُخفي جرائمه خلف ستار من الظلم والخوف.
0 تعليق