دراسة تحليلية: غياب الاعتزاز بالوطن والقيادات التاريخية يهدد الهوية اليمنية

المشهد اليمني 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دراسة تحليلية: غياب الاعتزاز بالوطن والقيادات التاريخية يهدد الهوية اليمنية, اليوم السبت 28 يونيو 2025 12:38 صباحاً

في تحليلٍ عميق لواقع الهوية الوطنية في اليمن، كشف الأستاذ الدكتور محمد قحطان، الباحث والمفكر السياسي، عن أسباب التراجع الملحوظ في مشاعر الاعتزاز بالوطن والقيادات الوطنية بين أبناء الشعب اليمني.

واعتبر قحطان أن هذا التراجع ليس حديث العهد، بل يعود إلى جذور تاريخية عميقة، وتراكمات ثقافية واجتماعية أثرت على بنية الانتماء الوطني لدى اليمنيين.

وقال الدكتور قحطان إن "التاريخ يُظهر بوضوح أن الشعب اليمني من أكثر الشعوب ضعفًا في مجال الانتماء الوطني"، موضحًا أن هذا الضعف يتجلى بجلاء في التعامل مع الرموز التاريخية، حيث يُفضِّل الكثيرون الفخر بقادة وشخصيات من دول أخرى، بينما تظل شخصياتهم الوطنية التاريخية مُهمَشة وغير مُكرَّمة.

وأشار إلى أن هذا الواقع يُترجم بشكل صارخ في أسماء المدارس والشوارع والمعالم العامة، التي تغلب عليها غالبًا أسماء أجنبية أو غير وطنية، مما يعكس غياب الوعي بأهمية تعزيز الذات الوطنية.

وأكّد قحطان أن هذا الواقع هو دليل واضح على وجود "عقدة الأجنبي" لدى الكثير من اليمنيين، حيث يضعون ثقتهم في الخارج أكثر مما يضعونها في الداخل، سواء في المجال الطبي أو التعليمي أو حتى في المنتجات الاستهلاكية، وهو ما يُعزز حالة الاعتماد الخارجي والانفصام عن الذات الوطنية.

وأشار إلى أن هذا الانفصام يؤدي إلى ظاهرة خطيرة هي "التبعية السهلة"، حيث يصبح الفرد اليمني – سواء كان في موقع قيادي أو مواطنًا عاديًا – سهل التوجيه لأي أجندات خارجية، طالما كانت تخدم مصلحته الخاصة دون اعتبار للعواقب الوطنية أو الاجتماعية.

ويعود ذلك، بحسب رأيه، إلى عوامل تربوية وثقافية مكتسبة وموروثة، لم تجد اهتمامًا حقيقيًّا منذ تشكل الدولة اليمنية الحديثة، بالإضافة إلى مناهج تعليمية تركز على التلقين وليس على بناء الشخصية الوطنية المستقلة، وتخدم غالبًا مصالح وأيديولوجيات خارجية.

ولفت الدكتور قحطان إلى أنه رصد خلال السنوات الأخيرة "تراجعًا حادًّا" في مستويات الانتماء الوطني، حتى وصل الحال إلى تزايد رغبة بعض المواطنين في الاحتماء بالخارج هروبًا من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية.

وقال إن هذا الواقع يدل على تراجع الحس المناهض للاستعمار بشكليه القديم والحديث، ويزن نمو فكرة القبول بأن تحكم اليمن دولة جارة مثل السعودية أو الإمارات أو غيرهما.

وأرجع قحطان هذا التغير الخطير إلى استمرار الحرب في اليمن منذ العام 2015 وما خلفته من آثار إنسانية واقتصادية واجتماعية كارثية، والتي أدت إلى تمزق النسيج المجتمعي وانهيار القيم الوطنية.

وسرد قحطان عددًا من العوامل الرئيسية التي أسهمت في هذا التراجع، منها:

  1. استمرار الحرب لأكثر من عشر سنوات ، ما أدّى إلى تدمير البنية التحتية، وانهيار مؤسسات الدولة، وانعدام الخدمات الأساسية، في مقابل استمرار الجبايات والضرائب ونهب الثروات الطبيعية لحساب تجار الحرب وأصحاب المصالح الضيقة، مما ولّد حالة من الإحباط والانفصال بين المواطن والدولة.

  2. الفشل في إعادة بناء مؤسسات الدولة ، وعدم القدرة على استعادة دورها في تقديم الخدمات وحماية حقوق المواطنين، مما زاد من فقدان الثقة في فكرة الدولة الوطنية نفسها.

  3. تنامي التشكيلات العسكرية المدعومة من الخارج ، والتي ترتبط بأجندات خارجية، الأمر الذي حال دون بناء جيش وطني موحد قادر على حماية السيادة واستعادة الدولة، إذ أصبحت هذه التشكيلات مرتهنة للتمويل والتسلح الخارجي.

  4. الدمار الممنهج للبنية التحتية الخدمية ، التي تمثل العلاقة الحيوية بين الدولة والمواطن، مما أدى إلى انهيار الأمن والاستقرار، وتفاقم الفوضى، وتنامي العنف والجريمة، وغياب القانون، ما دفع المواطنين إلى اللجوء إلى الذات والميليشيات والجماعات المسلحة تحت مسمى "الحماية".

وفي ختام تصريحاته، حذر الدكتور محمد قحطان من خطورة هذا الوضع إذا لم يتم التصدي له بسياسات تربوية وتعليمية وإعلامية وسياسية مدروسة، تستهدف إعادة بناء الشخصية الوطنية، وتعزيز الانتماء، وتصحيح الصورة الذهنية السلبية عن الذات الوطنية، وإعادة الاعتبار لرموز الوطن ومعالمه الحضارية، قبل أن يصبح الوطن مجرد اسم على الخريطة بلا روح ولا هوية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق