نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
زيت الزيتون التونسي: إنذار بشأن المبيعات في الولايات المتحدة, اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 02:46 صباحاً
نشر بوساطة صابر بن بوبكر في تونس الرقمية يوم 22 - 06 - 2025
دقّ المرصد التونسي للاقتصاد ناقوس الخطر في مذكرة حديثة، محذرًا من أن التدابير الحمائية الجديدة التي اتخذتها الولايات المتحدة قد تُحدث أثرًا بالغًا على عائدات التصدير التونسية، لا سيما في قطاع زيت الزيتون، الذي يُعدّ ركيزة من ركائز الصادرات الفلاحية للبلاد.
ومنذ دخول رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% حيّز التنفيذ في الولايات المتحدة يوم 2 أفريل 2025، إلى جانب نسب متفاوتة حسب البلدان، أصبحت تونس خاضعة لنسبة عقابية مرتفعة بشكل خاص تبلغ 28%. وتُعدّ هذه النسبة خامس أعلى نسبة تطبَّق على دولة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقد اتُخذ هذا القرار من قبل الإدارة الأمريكية، مما ينعكس مباشرة على قطاع استراتيجي لتونس: زراعة الزيتون.
منتج رئيسي يتلقى ضربة قاسية
يشكل زيت الزيتون بمفرده 59% من إجمالي الصادرات التونسية إلى الولايات المتحدة، التي تُعدّ واحدة من أكبر ثلاثة مستوردين لهذا المنتج عالميًا. وتحتل تونس، التي تستحوذ على 15% من السوق، المرتبة الثالثة بين المورّدين. غير أن فرض هذه الحواجز الجمركية يهدد هذه المكانة التي حازتها تونس بشق الأنفس.
وتبدو التداعيات ملموسة بالفعل: إذ تراجعت عائدات تصدير زيت الزيتون بنسبة 29,3% خلال الأشهر السبعة الأولى من الموسم الفلاحي 2024-2025، وفقًا لبيانات المرصد الوطني للفلاحة.
ويزداد وقع الصدمة التجارية حدّة بالنظر إلى أن الصادرات التونسية نحو الولايات المتحدة قد سجلت نموًا لافتًا بنسبة 144% بين عامي 2020 و2024، مما أفرز فائضًا تجاريًا بقيمة 215,8 مليون دينار خلال سنة 2024.
وقد أصبحت الولايات المتحدة آنذاك سادس سوق تصديري لتونس، حيث مثّلت أكثر من 3% من القيمة الإجمالية للصادرات الوطنية.
لكن تداعيات السياسة الأمريكية لا تقف عند هذا الحد. إذ تمسّ تونس أيضًا بشكل غير مباشر عبر شركائها الأوروبيين الرئيسيين، على غرار إيطاليا وإسبانيا، اللتين تعدّان من أبرز مزوّدي السوق الأمريكية بزيت الزيتون. فقد خفّض البلدان من وارداتهما من زيت الزيتون التونسي، بدورهما متأثرَين بقيود مماثلة في علاقاتهما التجارية مع واشنطن. ويُعدّ هذا "العقاب المزدوج" ضربة إضافية تُضيّق المنافذ التقليدية أمام المنتجين التونسيين.
ومن جهة أخرى، شملت التداعيات أيضًا صادرات تونس من الأسمدة، التي أُدرجت ضمن الضحايا غير المباشرة للرسوم الجمركية الإضافية.
مسار قانوني جارٍ
في 28 ماي 2025، حاولت المحكمة الدولية للتجارة وقف هذا التصعيد من خلال إلغاء القرار الجمركي الأمريكي. غير أن محكمة الاستئناف علّقت هذا الإلغاء، ما يعني استمرار العمل بالضرائب إلى غاية 31 جويلية 2025، وهي الموعد المرتقب لإصدار حكم نهائي.
وإلى ذلك الحين، سيجد المصدّرون التونسيون أنفسهم مضطرين للتعامل مع هوامش ربح أقل وتراجع في القدرة التنافسية.
ما هي الإستراتيجية المطلوبة لتونس؟
أمام هذه المستجدات، يوصي المرصد التونسي للاقتصاد بضرورة تنويع الأسواق التصديرية بشكل عاجل، وخاصة باتجاه إفريقيا وآسيا، مع تشجيع التبادل التجاري مع البلدان التي تسجّل تونس معها عجزًا تجاريًا. كما يدعو إلى تقليص الاعتماد المفرط على بعض المنتجات والوجهات القليلة، عبر اعتماد إستراتيجية تجارية أكثر توازنًا ومتانة.
وعلى المدى الطويل، يشدّد المرصد على أهمية إعادة النظر جذريًا في النموذج التصديري الوطني، من خلال التركيز على سلاسل قيمة ذات مردودية أعلى، وتقليص الواردات غير الأساسية، ضمن رؤية تقوم على تعزيز السيادة الاقتصادية.
وهكذا، تعكس الأزمة الراهنة المحيطة بزيت الزيتون التونسي مدى هشاشة الاقتصاد المنفتح أمام التوترات التجارية العالمية.
ورغم أن القضاء الدولي قد ينجح في قلب المعادلة، فإن تونس مطالبة منذ الآن بإعادة توجيه سياستها التجارية الخارجية تفاديًا لصدمات مماثلة في المستقبل.
وستكون الدبلوماسية الاقتصادية وتنويع الشركاء، أكثر من أي وقت مضى، في صميم الرهانات الرامية إلى الحفاظ على مكتسبات القطاع الفلاحي التونسي.
.
0 تعليق