في عالم يتغير بسرعة الضوء، لا تزال أسعار النفط تحافظ على مكانتها كواحدة من أكثر المؤشرات الاقتصادية تقلبًا وتأثيرًا، وفي ظل صراع خفي بين الأزمات الجيوسياسية والطموحات الاقتصادية، تتراقص الأسواق على إيقاع التوقعات المفاجئة. 

وبينما يترقب العالم هدوءًا في أسعار الطاقة، ينبئ تقرير حديث لبنك "جيه بي مورجان" بعاصفة قادمة، قد تدفع بأسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة، تتجاوز حاجز 130 دولارًا للبرميل، فما الذي يدفع بهذا الصعود الصاروخي؟ وهل نحن على أعتاب أزمة طاقة عالمية جديدة؟

احتمال ارتفاع أسعار النفط إلى 130 دولارًا للبرميل 

أطلق بنك "جيه بي مورجان" إنذارًا مبكرًا للأسواق العالمية، محذرًا من احتمال ارتفاع أسعار النفط إلى 130 دولارًا للبرميل إذا اندلعت أزمات جيوسياسية حادة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وفي تقريره البحثي، طرح البنك عددًا من السيناريوهات المحتملة التي قد تدفع السوق نحو هذا الارتفاع الكبير.

أبرز هذه السيناريوهات يشمل حدوث اضطرابات في مضيق هرمز، الذي يُعد بمثابة الشريان الحيوي لنقل النفط عالميًا. أي محاولة لتعطيل الإمدادات عبر هذا الممر البحري ستحدث خللًا فوريًا في العرض العالمي، ما يؤدي إلى قفزة دراماتيكية في الأسعار. 

فجوة في الطلب يصعب تعويضها على المدى القصير

كما سلط البنك الضوء على المخاطر الناجمة عن توقف صادرات النفط الإيرانية، التي تُقدر بحوالي 2.1 مليون برميل يوميًا، وغياب هذه الكمية الكبيرة عن السوق سيُحدث فجوة في الطلب يصعب تعويضها على المدى القصير.

وتعكس البيانات الحالية تقلبات مستمرة في سوق النفط، حيث تراجعت أسعار خام برنت إلى ما دون 69 دولارًا، بعد مكاسب سريعة تجاوزت 4% بفعل تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة، وخام غرب تكساس بدوره استقر عند حدود 68 دولارًا، مدفوعًا بقلق الأسواق إزاء التصعيد السياسي، وتهديدات متبادلة بين الطرفين بشأن الملف النووي.

الوضع تفاقم مع إجلاء طواقم دبلوماسية أمريكية من البحرين والكويت والعراق، ما أثار موجة ذعر في الأسواق، انعكست في ضعف الثقة بالاستقرار الإقليمي، وتزامن ذلك مع تأثر عمليات الشحن والنقل البحري في بعض المناطق، ما زاد من حدة الأزمة المحتملة.

تتراوح أسعار النفط في العامين المقبلين ضمن نطاق مستقر

ورغم هذه التحديات، يتوقع "جيه بي مورجان" أن تتراوح أسعار النفط في العامين المقبلين ضمن نطاق مستقر نسبيًا، بين 60 و65 دولارًا للبرميل في 2025، وتصل إلى 60 دولارًا في 2026، مستندًا إلى فرضية بقاء التوترات تحت السيطرة وتوسع البدائل الإنتاجية.