ترامب رفع العقوبات عن سوريا فهل يرفع تداعياتها عن لبنان؟

الفن 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب رفع العقوبات عن سوريا فهل يرفع تداعياتها عن لبنان؟, اليوم الجمعة 16 مايو 2025 03:18 صباحاً

في خطوة تحمل أبعاداً تتجاوز حسابات اللحظة السياسية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالأمس رفع العقوبات المفروضة على سوريا، في تطور لم يكن مستغرباً، خصوصاً وانه اتى من السعودية التي عقدت اتفاقات مع الولايات المتحدة بقيمة تفوق الـ134 مليار دولار على مدى سنوات. لكن الغريب كانت الإشادة الكبيرة من ترامب بالرئيس السوري (أبو محمد الجولاني) احمد الشرع، بحيث اسقط عنه القناع الذي كانت ادارته وضعته لانتقاد الشرع وتحركاته، فإذا به، وفق ترامب، رجل استثنائي ومثالي يصلح لان يكون مثالاً يحتذى، بعد ان كان مجرما ويرقص فرحا باعتداءات 11 أيلول الشهيرة...

لكن متى ما عرف السبب بطل العجب، واتى تركيز ترامب في هذا المجال على انضمام سوريا إلى "اتفاقات أبراهام"، (وهو ما يعني بطريقة غير مباشرة قرب انضمام السعودية ايضاً)، الأمر الذي يشير إلى نية أميركية لإعادة ترتيب النظام الإقليمي برمّته، عبر دمج دمشق تدريجياً في المنظومة الدبلوماسية الجديدة التي تجمع دولاً عربية بإسرائيل.

بعيداً عن الرمزية، يحمل هذا التحول مفاعيل مباشرة على الجوار السوري، خصوصاً لبنان، الذي يعاني من أزمة عميقة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية. منذ سنوات، كان استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية يشكل طوق نجاة مؤجلاً، أُجهض مراراً بفعل القيود التي فرضها "قانون قيصر"، وسياسة الكذب التي انتهجها المبعوث الأميركي السابق آموس هوكشتاين. اليوم، ومع رفع هذه القيود، تصبح إعادة إحياء هذا المشروع ضرورة وطنية ملحّة. لكن التنفيذ لا يتوقف فقط على الإرادة السياسية، بل يتطلب أيضاً بنى تحتية جاهزة، اتفاقات تشغيل شفافة، وضمانات بعدم عرقلة أي من الدول المعنية للمشروع.

ولا شك ان هذه الخطوة ستساهم بشكل فاعل في تحسين ظروف لبنان وتعافيه، الا ان التحدي الأكبر، يبقى ملف النازحين السوريين، الذي بات عبئاً ديموغرافياً واقتصادياً وأمنياً على لبنان. رفع العقوبات يفتح الباب أمام عودة تدريجية، لا يمكن أن تتم عبر التنسيق الثنائي فقط، أو وفق مقاربات أمنية محدودة. المطلوب اليوم هو مبادرة عربية–أميركية–أممية مشتركة، تتضمن خطة لإعادة الإعمار، وتوفير الضمانات القانونية والسياسية للنازحين العائدين، وتأمين سبل العيش والخدمات الأساسية في المناطق التي سيعودون إليها.

من الجانب اللبناني، ينبغي وضع استراتيجية وطنية موحدة تُبنى على قاعدة التفاهم مع الجانب السوري، ضمن مظلة دولية، تراعي خصوصية النازحين، وتسرّع عمليات العودة بدل المماطلة تحت ذرائع واهية كانت سائدة سابقاً كعدم الأمان وانتقام النظام السابق من العائدين... كما على الدولة اللبنانية توسيع التشاور مع الدول الأوروبية المعنية بهذا الملف، ووضعها امام مسؤولياتها بعد الانفتاح الأميركي غير المسبوق على سوريا الكفيل بتعرية كل الحجج التي كانت جاهزة لضمان بقاء النازحين في اماكن وجودهم.

أما عربياً، فإن الانفتاح على دمشق يجب أن يترافق مع ضغط بنّاء لتسهيل هذه العودة، وليس الاكتفاء بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية شكلياً. ومن الجانب الأميركي، على واشنطن أن تترجم قرارها ليس فقط برفع العقوبات، بل بدعم سياسات التنمية وإعادة الإعمار، وضمان الشفافية والحوكمة في أي شراكة مستقبلية مع دمشق، وتسهيل التعاطي وابرام اتفاقات بين دول غربية وسوريا.

صحيح ان لحظة التغيير هذه تحمل إمكانيات واعدة، لكنها لا تكفي وحدها. المطلوب أن تتحول إلى سياسة شاملة متكاملة، تجمع بين الواقعية السياسية والمسؤولية الأخلاقية والالتزامات التنموية، والاهم ان تترافق مع خطوات ملموسة كفيلة بتغيير الصورة التي كانت سائدة منذ العام 2011، في سوريا كما في الدول المجاورة واولها لبنان الذي عانى ما لم يعانِ منه أي بلد آخر بفعل الحرب السورية، ومن الواجب ان يرتاح بعد سقوط نظام بشار الأسد، لا ان يستمر في المعاناة اياً كان المسؤول عن النظام هناك.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق