نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في العلاقة بين القضاء والاعلام وإصلاح الإثنين معاً, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 11:22 صباحاً
إن المقالات المنشورة في خانة "مقالات وآراء" في "النشرة" تعبّر عن رأي كاتبها، وقد نشرت بناء على طلبه.
هناك تداخل بين القضاء والإعلام. ذلك أن الإثنين هدفهما كشف الحقيقة ما يستلزم حياد الإعلام ونزاهة القضاء بعيدا عن الإرتهان للطبقة السياسية أو ’’الرشوة‘‘. فغاية القضاء تحقيق العدالة أولا وأخرا. كما معالجة آلاف الملفات النائمة بالأدراج والمرتبطة بالمخدرات وقضايا الثأر.
أمر يُشكر عليه فخامة الرئيس جوزاف عون أنه شدد على إصلاح القضاء وتطبيق القانون واعتبر ذلك مدخلا رئيسيا لبناء الدولة. لكن هذا الأمر يرتبط بعناصر كثيرة: إبعاد القضاة الفاسدين أولا. اعتماد الكفاءة. إلغاء المحاصصة في القضاء. قيام كتلة من ’’القضاة النظيفين‘‘ على نمط ما جرى في ايطاليا حيث تعرّض الكثير من ’’القضاة النظيفين‘‘ إلى ضغوط كثيرة وصلت إلى حد ’’القتل‘‘ من المافيات المتحكمة. أو في العلاقة المشبوهة أو الملتبسة مع المصارف من بعض القضاة حيث أدى ذلك إلى إفلاسات مؤسسات صناعية وتجارية من دون مبرر عبر ’’المزاد العلني‘‘ أو الحجز التنفيذي وذلك لقاء ’’حسابات مصرفية‘‘. عدم تأثر القضاة بالمؤثرات الطوائفية والمناطقية أو بالايحاءات الإعلامية كون الإعلام يملك وزنا غير عادي في توجيه الرأي العام.
وكان من المفترض في خطاب القسم أن يشير إلى ’’الإصلاح الإعلامي‘‘. فالإصلاح الإعلامي يتناول مجالات عدة منها رؤية إعلامية لاستعادة دور لبنان الإعلامي في الاقليم لإقامة مدينة اعلامية تفسح المجال أمام مؤسسات إعلامية عربية وأجنبية تخضع للقوانين اللبنانية وتعتمد حرية الإعلام المسؤول وفتح المجال أمام الإستثمار العربي في الإعلام المرئي والمسموع والالكتروني إلى نسبة 49% من ملكية الأسهم. وحظر الاعلام الطوائفي الذي يثير الفتن والحساسيات. ودور اعلامي تربوي وتثقيفي يعطي مكانة أساسية للمرأة والشباب. انصاف الإعلاميين في رواتبهم وفي الضمان الاجتماعي والصحي ومعاشات التقاعد ونهاية الخدمة وتحرير الإعلام الرسمي من الوصايات على اختلافها. وأخيرا صناعة درامية لبنانية منافسة في المنطقة. فالاعلام في لبنان يمتاز على غيره في العالم العربي أنه إعلام حر. وهذه ميزة له في المنطقة يمكن البناء عليها. لكن الإعلام ’’الحر‘‘ هو إعلام مسؤول يُفترض أن يستند إلى المعلومة الصحيحة والدقيقة والمسنودة إلى مصدر موثوق وأن لا يتوخى إثارة العنف في المجتمع حتى ولو كان الخبر صحيحا. غير أن مشكلة الإعلام اللبناني أنه فقد الكثير من صدقيته في العالم العربي بعد أن تحوّل إلى إعلام محلي لبناني بسبب الحرب الأهلية وغلبة الجانب الطائفي عليه. وبسبب تطوّر الإعلام الخليجي سواء المكتوب أو المرئي وتراجع السوق الإعلاني وتوظيف الإعلان الخليجي في خدمة السياسة الخليجية واستتباع الإعلام اللبناني أو شلّه. وهكذا فإن إصلاح الإعلام اللبناني وإبعاده عن التشهير أو الترويج للإشاعة أو الإبتزاز يرتبط قطعا بتطبيق القانون عند وقوع المخالفة الإعلامية وهذا ما لا يحصل. ذلك أن المسؤول في السلطة يبحث عن صورته على الشاشة ولذلك يتحاشى القاضي أن يأخذ الأمر على عاتقه في تحديد ما يجب اتخاذه من تدبير. وهذا لا يعني مطلقا أن لا دور ايجابي للإعلام في تصويب اتجاه القضاء أحيانا. ذلك أن الإعلام الإستقصائي يساعد كثيرا في إنارة القاضي أو في إبراز الأدلة أو جلب الشهود. من هنا الدور التفاعلي والتكامل بين القاضي والإعلام. وشرط ذلك تطبيق القانون في شكل مجرّد ودون أهواء أيا كانت.
الثقة بالقضاء شرطها قضاة نظيفين. نظيفي العقل واليد. كما شرطها إعلام موضوعي لا استفزازي ولا ابتزازي. كما سلطة سياسية صاحبة قرار لا توظيف طوائفي أو انحيازي أو ممارسة ضغوط غير مشروعة. فالثقة هي المدخل لعودة الرساميل والإستقرار كما لتفعيل دور الإعلام وتحويله إلى سلطة بناءة وإلى تغليب فكرة المواطنة التي لا بناء فعلي للدولة من دونها.
ما نحتاجه فعلا هو بناء الدولة. ولكن كيف وبأي أدوات؟ سؤال لا جواب عليه حتى الآن من المجتمع السياسي ولا حتى من المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية... فالمشكلة هي أن ’’الدولة العميقة‘‘ في لبنان تفترض إصلاحا سياسيا واسعا يكون الفاعل فيه ’’حاملة اجتماعية‘‘ عنوانها المواطنة وهي غير متوفرة. ذلك أن شرطها الأساسي هو ’’سلم أهلي‘‘ لا حروب أهلية متجددة وارادة سياسية بناءة وقاطعة.
0 تعليق