لهذا السبب ستُصبح الصين مركز الاقتصاد العالمي

تورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لهذا السبب ستُصبح الصين مركز الاقتصاد العالمي, اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025 02:47 صباحاً

لهذا السبب ستُصبح الصين مركز الاقتصاد العالمي

نشر بوساطة صابر بن بوبكر في تونس الرقمية يوم 24 - 06 - 2025

1849219
مع عدد سكان يبلغ 1.4 مليار نسمة، وطبقة وسطى تُقدَّر بأكثر من 400 مليون مستهلك، وقوة عاملة لا تزال ضخمة، تُشكّل الصين أكبر سوق داخلي في العالم.
ولا تقتصر قوتها الاقتصادية على الاستهلاك فقط، بل تُعدّ أيضًا أول قاعدة صناعية على مستوى العالم، حيث تُهيمن على الإنتاج في العديد من القطاعات مثل الصلب، والإلكترونيات، والبطاريات، والطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية.
وفي مجال التكنولوجيا، تُخصّص الصين أكثر من 450 مليار دولار سنويًا للبحث والتطوير، لتحتل المرتبة الثانية عالميًا. وتُجسّد شركات مثل هواوي، وBYD، وCATL، وTencent، وDJI هذا التفوق في مجالات الجيل الخامس، والطائرات المسيّرة، وبطاريات الليثيوم أيون، والذكاء الاصطناعي.
وفي عام 2024، أنتجت الصين أكثر من 60% من السيارات الكهربائية على مستوى العالم، مما يعزز هيمنتها على قطاعات المستقبل.
استراتيجية تجارية عالمية راسخة في جميع القارات
لا تقوم صعود الصين فقط على إنتاجها المحلي، بل أيضًا على حضورها النشط في جميع أنحاء العالم. ففي إفريقيا، تبني موانئ وطرقًا وسدودًا وتسيطر على موارد حيوية مثل الكوبالت والنحاس والمعادن النادرة. أما في أمريكا اللاتينية، فتُكثف شراكاتها في مجالات الطاقة والزراعة والاتصالات.
وفي آسيا، تُشكّل الصين قلب اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP)، وهو أكبر اتفاق تجاري في العالم. وفي أوروبا، تستثمر في الموانئ (مثل بيرايوس وأنتويرب)، وفي قطاعات اللوجستيك والتكنولوجيا المتقدمة.
حتى في الولايات المتحدة، ورغم التوترات القائمة، لا تزال الصين فاعلًا تجاريًا لا غنى عنه، إذ تحتفظ بحصة كبيرة من السوق الأمريكية في مجال الإلكترونيات والسلع المصنّعة.
ومن خلال مبادرة "الحزام والطريق"، تعمل الصين على بناء شبكة تواصل عالمية تتمحور حول بكين، ما يُعزز نفوذها الاقتصادي بعيد المدى.
الصدام مع ترامب: اختبارٌ زاد من صلابة بكين
سعت الحرب التجارية التي أطلقها دونالد ترامب إلى فرض رسوم جمركية مرتفعة على سلع صينية بمئات المليارات من الدولارات. لكن بدلاً من كبح بكين، كان لهذا الصراع أثر بنيوي، إذ سرّعت الصين استراتيجيتها لتحقيق الاكتفاء الذاتي في التكنولوجيا، ووسّعت قاعدة شركائها، وأظهرت قدرتها على الصمود أمام الضغوط الخارجية.
وقد اعتُبرت تراجعات ترامب الجزئية — كتخفيف الرسوم أو العقوبات على هواوي، أو تأخير تطبيق بعض الضرائب — علامات على ضعف استراتيجي أمريكي في نظر بكين.
هذا ما عزز قناعة القيادة الصينية بضرورة تبني استراتيجية طويلة المدى، هادئة وشاملة.
المعادن النادرة: السلاح الخفي للصين
تُسيطر الصين على أكثر من 60% من إنتاج المعادن الأرضية النادرة عالميًا، ونحو 85% من عمليات تكريرها، وهي معادن أساسية في صناعة الهواتف الذكية، وتوربينات الرياح، والصواريخ، والألواح الشمسية، والبطاريات، والتقنيات الرقمية. وقد علّقت بكين تصدير الغاليوم والجرمانيوم مؤقتًا ردًا على العقوبات الأمريكية، ما أثبت قدرتها على زعزعة سلاسل الإمداد العالمية.
ولا يقتصر هذا التحكم على داخل الصين فقط، إذ تمتلك بكين حصصًا في مناجم بجمهورية الكونغو الديمقراطية، والأرجنتين، وإندونيسيا، وتشيلي، ما يضمن لها أمنًا طويل الأمد في التزود بهذه الموارد.
ويُعد هذا النفوذ أداة ضغط اقتصادية ودبلوماسية، كما يُمثل درعًا واقيًا في وجه أي محاولة للفصل الاقتصادي تفرضها الدول الغربية.
تراجع صورة الولايات المتحدة مقابل صعود صورة الصين
في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة دعم إسرائيل رغم اتهامات الإبادة في غزة، ترى شريحة واسعة من العالم — خصوصًا في الجنوب العالمي، والعالم العربي، والحركات الاجتماعية في الغرب — أن واشنطن شريكة في إفلات إسرائيل من المحاسبة الدولية. وقد أدى هذا إلى تراجع مصداقية أمريكا الأخلاقية والدبلوماسية، خاصة في المحافل المتعددة الأطراف.
وفي المقابل، تستفيد الصين من هذا التناقض عبر تقديم نفسها كقوة تحترم سيادة الدول، وتدعو إلى وقف إطلاق النار والسلام، مع حفاظها على علاقات متوازنة مع العالم العربي والإسلامي.
وهذا يمنحها ميزة رمزية كبيرة، خصوصًا في الدول التي تسعى إلى تنويع تحالفاتها الاقتصادية والاستراتيجية.
تحليل: أوروبا، ألمانيا، وفرنسا أمام التحوّل العالمي
يضع صعود الصين أوروبا في موقف حرج. فمثلاً، تعتمد ألمانيا بشكل كبير على السوق الصينية لصناعاتها في مجال السيارات، وتسعى إلى الحفاظ على علاقاتها التجارية، مع محاولات جزئية للتماهي مع الاستراتيجية الأمريكية ل"تقليل المخاطر". أما فرنسا، فتنتهج نهجًا أكثر حذرًا، وتعوّل على التنويع والسيادة الاقتصادية، لكنها لا تزال معرضة للمخاطر في قطاعات مثل الطاقة، الفخامة، وصناعة الطيران.
وعمومًا، فإن القوى الصناعية الأوروبية التقليدية، التي تواجه تحديات شيخوخة سكانية، واعتمادًا كبيرًا على الطاقة، وبطئًا في التحولات الرقمية، تجد صعوبة في مجاراة الزخم الصيني واستثماراته الضخمة في القطاعات الحيوية. وإذا لم تُعِد أوروبا تموضعها سريعًا في مجالات الابتكار والتقنيات الخضراء، فإنها قد تُصبح مجرد سوق استهلاكية تعتمد على الواردات الصينية، بدلاً من أن تكون مركزًا للتأثير العالمي.
وهكذا، بفضل الحجم، والتكنولوجيا، والموارد الاستراتيجية، والاستراتيجية العالمية، والصورة المقبولة نسبيًا في الجنوب، تترسخ الصين تدريجيًا كمركز مستقبلي للاقتصاد العالمي.
صحيح أنها لم تُزِح الولايات المتحدة بالكامل بعد، لكنها تُعيد رسم التوازنات، وتدفع بالعالم نحو نظام متعدد الأقطاب، تطمح أن تكون عموده الفقري.

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق