نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
على إيقاع الحدث: تنقيح قانون الشغل التوقيت والدلالات, اليوم الخميس 22 مايو 2025 06:52 مساءً
نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 22 - 05 - 2025
جسدت مصادقة مجلس نواب الشعب على تنقيح قانون الشغل ذروة معركة التحرر الوطني القائمة على تكريس التلازم بين سيادة الدولة وكرامة المواطن.
والواضح أن أبعاد وتداعيات هذا التنقيح ترتقي إلى مستوى المنعرجات التاريخية التي وسمت مرحلة بناء الدولة الوطنية ونقلت تونس من الحكم الإقطاعي إلى النظام الجمهوري بوصفه استحقاقا قدم الشعب التونسي في سبيله تضحيات جسام أثناء معركة التحرر الوطني الأولى تعبيرا عن تشبثه بالأرض والكرامة.
وعندما يتزامن هذا التنقيح مع حزمة من الإصلاحات التي تجسد إرادة سياسية ثابتة لإستعادة مقومات الدولة الإجتماعية فإن ذلك يعني حتما أن تونس تمضي قدما على طريق تحقيق الثورة التشريعية بوصفها أداة لتكريس الثورة الثقافية والفكرية التي تنقل المجتمع من طور التدافع الإجتماعي إلى مرحلة «البناء المشترك» باعتباره عقيدة لا محيد عنها لصون المواطن من كل أشكال الاستغلال والإبتزاز وتحصين كيان الدولة ضد الإملاءات الخارجية.
وبالنتيجة تتجاوز روح هذا التنقيح مجرد تصحيح وضع متداخل إلى بناء عقيدة مجتمعية جديدة ترسخ مفهوم «الرخاء المشترك» .
وتقطع مع كل المعضلات التي أفرزها تراجع مساحة السيادة الوطنية على امتداد نصف قرن من الزمن ولاسيما الإقتصاد الربعي القائم على تضارب المصالح باعتباره انعكاسا طبيعيا لضيق مساحات الفعل والأمل وأحد أهم تمظاهرات تمزق النسيج المجتمعي وهو ما أفرز بالضرورة سياسات عمومية عقيمة قامت على ترحيل الأزمات بدل معالجة الأسباب.
وعندما يستشعر الشباب طعم الحرية والمساواة ستنفجر حتما القدرات الضخمة المكبلة وتتحقق المصالحة التاريخية بين التطلعات والواقع المعيش فما يبدو اليوم أزمة سيصبح ثروة غير محدودة متى توفرت الإرادة السياسية واعتنق المجتمع عقيدة البناء المشترك التي تحقق تلاحم الجهد وتقطع في المقابل مع عقلية تجزئة الرهانات والتطلعات فكل مشاكل التونسيين وتطلعاتهم لا يمكن أن تحل إلا في نطاق سياق جماعي تكون غايته المركزية النهوض بأوضاع الوطن عبر المعالجة الجذرية لكل المعضلات التي أفرزتها الشعبوية المقيتة.
وبالمحصلة يمثل تنقيح قانون الشغل منعطفا كبيرا في مسار التحرر الوطني يؤسس لصرح عظيم يحقق استدامة الرخاء والأمن ويجتث بذرة الإرتداد إلى التخلف خصوصا وأن سائر الإصلاحات الداخلية تتكامل مع استعادة تونس لمنطق الثوابت وتوازن المصالح في علاقاتها الخارجية فالتاريخ يثبت أن تونس تضعف كلما انغلقت على نفسها وتقوى كلما فتحت نوافذها على مصراعيها.
الأخبار
.
0 تعليق