قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتأييد الحكم الابتدائي القاضي ببراءة مدير شركة من تهمة التحرش الجنسي، كانت قد تقدمت بها موظفة اشتغلت تحت إشرافه، بعدما اعتبرت الهيئة القضائية أن الرسائل المتبادلة بين الطرفين لا تحمل طابعًا جنسيًا صريحًا ولا تتضمن ما يكفي لتكوين أركان الجريمة.

وجاء في معطيات الملف أن الموظفة، التي قضت أكثر من خمس سنوات داخل الشركة، رفعت شكاية تتهم فيها مديرها بإرسال رسائل متكررة عبر تطبيق "واتساب"، تضمن بعضها عبارات مثل "أنت جميلة اليوم" و"أنا سعيد بالعمل معك"، إضافة إلى دعوات لمشاركتها فنجان قهوة أو السفر معه إلى مدينة طنجة، كما اتهمته بمحاولة فرض علاقة غير مهنية عليها وربط استمرارها في العمل برغباته الشخصية.

وبعد الاطلاع على المراسلات، اعتبرت المحكمة أن هذه العبارات تبقى في حدود الإعجاب العادي ولا ترتقي إلى مستوى الإيحاء الجنسي أو التحرش المؤطر قانونيًا، مشيرة إلى أن المشتكية لم تُظهر في ردودها أي انزعاج أو رفض صريح، وهو ما أضعف موقفها القانوني، حسب تعليل الحكم.

كما أشار القرار القضائي إلى أن الحكم الابتدائي جاء معللًا تعليلًا سليمًا من الناحيتين الواقعية والقانونية، معتبرًا أن الأصل هو قرينة البراءة، وأن غياب مؤشرات واضحة على نية التحرش يحول دون إدانة المتهم.

من جانبه، أكد المدير أثناء الاستماع إليه أن الموظفة لم تتجاوز فترة الاختبار بالشركة بسبب ضعف أدائها المهني، وأن الشكاية جاءت كرد فعل انتقامي بعد إنهاء مهامها، نافيًا جميع الاتهامات الموجهة إليه.

وبناء على هذه المعطيات، رفضت المحكمة استئناف المشتكية، وقضت بتحملها صائر الدعوى المدنية، فيما تم قبول استئناف النيابة العامة شكليًا مع تأييد الحكم الابتدائي في الموضوع، ليُسدل بذلك الستار على ملف أثار الكثير من الجدل بخصوص حدود إثبات التحرش في أماكن العمل، وسبل تأويل عبارات قد تبدو اعتيادية في سياق مهني.