سعي روسي لاقتحام سوق "الحلال" المغربي

أخبارنا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سعي روسي لاقتحام سوق "الحلال" المغربي, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 03:30 مساءً

تشهد العلاقات الاقتصادية بين المملكة المغربية وجمهورية روسيا الاتحادية منعطفا جديدا، مع بروز اهتمام متزايد من الجانب الروسي باقتحام سوق المنتجات الحلال في المغرب، وهي السوق التي أضحت تشكل نقطة جذب استراتيجية في خريطة التجارة الدولية، نظرا لنموها السريع واشتراطاتها الدينية الدقيقة التي تضفي عليها طابعا خاصا.

وفي هذا السياق، تسعى جمهورية تتارستان، إحدى الكيانات الفدرالية لروسيا والمعروفة بتركيبتها السكانية ذات الغالبية المسلمة، إلى الحصول على اعتماد رسمي من السلطات المغربية يسمح لها بتصدير منتجاتها الحلال إلى المملكة، حيث تضع لجنة معايير الحلال التابعة للإدارة الروحية للمسلمين في تتارستان هذا المسعى ضمن أولوياتها الاستراتيجية، ما دفعها إلى وضع طلب اعتماد رسمي لدى الجهات المغربية المختصة، وهو ما اعتبره رئيس اللجنة، عباس شليابوشنيكوف، خطوة محسوبة ضمن خطة عمل تدريجية ومضبوطة تمتد إلى متم السنة الجارية.

وتأتي هذه المبادرة في سياق توسع المغرب المتواصل في سوق الحلال العالمية، حيث برز في السنوات الأخيرة كلاعب نشيط يسعى إلى توسيع شبكات التعاون مع عدة دول آسيوية وإفريقية، ولعل ما يعزز هذا التوجه هو تصريح عبد الرحيم الطيبي، مدير المعهد المغربي للتقييس، خلال مشاركته في منتدى "حلال المغرب" بالدار البيضاء، حيث أكد على الإمكانات الكبيرة للمغرب وإفريقيا في تعزيز حصتهما داخل سوق تتجاوز قيمتها عالميا 2 تريليون دولار.

وكان المغرب قد وقع منذ سنة 2020 اتفاقية مع روسيا لتمكينها من استيراد المنتجات المغربية الحلال، وهي خطوة فتحت الباب أمام مزيد من التقارب بين الجانبين في هذا القطاع، كما وقع في يونيو 2024 اتفاقية اعتراف متبادل بعلامة "حلال المغرب" مع هيئة الحلال بسنغافورة، في مؤشر واضح على سعي المملكة لإرساء شبكة اعتراف دولية بمعاييرها المعتمدة في هذا المجال، والتي تتسم بالصرامة خصوصا فيما يخص اللحوم المستوردة.

ويخضع استيراد المغرب للحوم الحمراء لمراقبة دقيقة من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، حيث يتعين على الدول المصدرة الخضوع لتقييم صارم للمخاطر، وإرفاق شحناتها بشهادات دينية رسمية تثبت احترامها لمعايير الذبح الحلال المعترف بها، وهو ما يجعل من اعتماد روسيا، وتحديدا تتارستان، في السوق المغربية تحديا لا يخلو من متطلبات تقنية ودينية معقدة.

ومن جانبه، يراهن إقليم تتارستان على هذه الخطوة لتوسيع صادراته الحلال، حيث يضم اليوم أزيد من 250 مؤسسة تنتج هذه النوعية من المنتجات، نحو 20 منها موجهة فعلا للتصدير، كما يأمل المسؤولون هناك في رفع قيمة هذه الصادرات إلى 15 مليون دولار خلال سنة 2025، مقارنة بـ14 مليون دولار المسجلة في العام المنصرم، حيث يذكر أن اللجنة الروسية ذاتها كانت قد حصلت على اعتماد من مركز الاعتماد الخليجي، ما يشكل مؤشرا إضافيا على جديتها في استيفاء المعايير المطلوبة.

وتأتي هذه التحركات في إطار تقارب أوسع بين الرباط وموسكو، يروم تعميق التعاون في قطاعات حيوية واستراتيجية تتجاوز الطاقة والفلاحة إلى مجالات جديدة، مثل المنتوجات الحلال، التي باتت تمثل إحدى واجهات النفوذ التجاري والثقافي في العالم الإسلامي، حيث وبينما يواصل المغرب ترسيخ موقعه كحلقة وصل بين إفريقيا وآسيا، تسعى روسيا إلى تنويع أسواقها وتثبيت حضورها داخل فضاءات جديدة، مدفوعة بحسابات اقتصادية ودبلوماسية دقيقة.

ويعتبر ولوج روسيا لسوق الحلال المغربي خطوة ذات أبعاد متعددة، قد تعيد تشكيل جزء من الخريطة الاقتصادية بين البلدين، في وقت تتزايد فيه أهمية المعايير الدينية في توجهات الاستهلاك والأسواق، ويبرز فيه المغرب كمنصة واعدة للاستثمار الملتزم بضوابط الشريعة الإسلامية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق