الصحراء المغربية بين الحكم الذاتي والانفصال: دروس من كردستان العراق وكتالونيا الاسبانية

أخبارنا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الصحراء المغربية بين الحكم الذاتي والانفصال: دروس من كردستان العراق وكتالونيا الاسبانية, اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 08:48 مساءً

بين واقع الصراع المزمن في الصحراء المغربية والحلول السياسية الممكنة، يبرز خيار الحكم الذاتي كأكثر المقترحات واقعية. لكنه خيار محفوف بتحديات داخلية وخارجية، وقد يحمل في طياته احتمالات الانفصال إن لم يصمم وينفذ بعناية. فهل يتعلم المغرب من تجارب كردستان العراق وكتالونيا الإسبانية؟ وهل ينجح في تقديم نموذج حكم ذاتي يحصن وحدة الدولة بدل أن يهددها؟

1) حل الحكم الذاتي: عرض سياسي متقدم أم تنازل استراتيجي؟

قدم المغرب منذ سنوات مبادرة الحكم الذاتي كحل نهائي وواقعي لقضية الصحراء المغربية، يمنح سكان الأقاليم الجنوبية صلاحيات واسعة في إدارة شؤونهم، مع الحفاظ على السيادة الوطنية. المبادرة حظيت وتحظى بدعم قوى دولية متزايد كان اخرها بريطانيا، وتعتبر نقطة التقاء بين من يرفض الانفصال وتقرير المصير ومن يطالب بحقوق سياسية واقتصادية موسعة للسكان المحليين.

لكن اعتماد هذا النموذج يطرح أسئلة حساسة ومهمة من قبيل: ما حدود هذه الصلاحيات؟ ما الثمن السياسي داخليا وخارجيا؟ وهل هذا النموذج قابل للاستدامة دون أن يتحول إلى مقدمة للانفصال؟

2) دروس من كردستان العراق وكتالونيا الاسبانية

لعل أنجع الطرق لفهم تحديات الحكم الذاتي في الصحراء، هي المقارنة مع تجارب قائمة والاستفادة من تطبيقها ونتائج ممارساتها.

- كردستان العراق

منح الدستور العراقي الحكم الذاتي لإقليم كردستان بعد 2005، لكن الأمر لم ينه النزعة الانفصالية لدى سكان هذا الاقليم، بل بلغت ذروتها في استفتاء على الاستقلال عام 2017، واجهته بغداد بالقوة وكانت النتيجة أزمة سياسية وتراجع كبير في علاقة الإقليم بالحكومة المركزية ببغداد و قد طفى الى السطح هذه الأيام نزاع اخر يتعلق بتوقيع اتفاقيتين في مجال الطاقة بقيمة إجمالية تقدر ب 110 مليارات دولار مع شركتي "إتش كيه إن إنرجي" و"ويسترن زاغروس" الأميركيتين ما جعل السلطة المركزية تسارع الى ابطال هاتين الاتفاقيتين بداعي مخالفتهما للقانون العراقي و أن النفط ثروة في ملكية جميع العراقيين.

- كتالونيا إسبانيا

بالرغم من كونها جزءا من دولة ديمقراطية، حاولت كتالونيا الانفصال في 2017 عبر استفتاء غير معترف به وحصلت مواجهات بين الشرطة الإسبانية ومؤيدي الاستفتاء في مختلف أرجاء الإقليم، خلفت حسب سلطات كتالونيا، إصابة نحو 800 شخص. وتحدثت الداخلية الإسبانية من جهتها عن إصابة 12 من أفرادها أيضا في هذه المواجهات.، ما أدخل البلاد في أزمة دستورية. هنا تظهر هشاشة الحكم الذاتي عندما يغيب الإجماع الوطني وتغيب الثقة بين المركز والإقليم.

3) ما الذي يحتاجه المغرب لتفادي تكرار هذه السيناريوهات؟

لكي لا تتحول الصحراء المغربية إلى نسخة أخرى من كردستان العراق أو كتالونيا الاسبانية، يمكن للمغرب اتخاد مجموعة من الإجراءات من بينها حسب تصورنا:

- تضمين الحكم الذاتي في إطار دستوري واضح ومحكم.

- إقرار نظام ديمقراطي حقيقي فيه فصل حقيقي للسلط و سيادة شعبية حقيقية

- تأمين تمثيل فعلي للصحراويين داخل المؤسسات الوطنية.

- إنشاء آليات رقابة متبادلة لبناء الثقة بين المركز والإقليم.

- إشراك المجتمع الدولي كضامن لإنجاح هذه المبادرة وليس كوسيط فقط لتقريب وجهات النظر.

- ربط المشروع بتنمية حقيقية تضمن تحسين جودة حياة سكان المنطقة.

4) مكاسب الحكم الذاتي وخسائره المحتملة.

- المكاسب المحتملة:

يمكن لاعتماد الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية أن يعزز السيادة الوطنية على الصعيد الدولي وينهي حالة الجمود السياسي حول الصحراء. ويساهم في تسريع التنمية في الأقاليم الجنوبية واستيعاب الاستثمارات الاجنبية التي تبحث دائما عن المناطق الامنة والمستقرة. وسيمكن كذلك من احتواء التوترات الإقليمية بشكل سلمي خاصة مع الجارة الجزائر والقضاء على التهديدات الإرهابية بإفريقيا جنوب الصحراء.

- الخسائر المحتملة:

يمكن أن تنشأ مطالب مماثلة للحكم الذاتي في مناطق أخرى داخل المغرب. مع احتمالية استغلال هذا النموذج من طرف أطراف انفصالية مما قد يؤدي الى تفكك الدولة المركزية. بالإضافة الى صعوبة ضبط الصلاحيات المركزية والاقليمية إذا لم يتم إصلاح المؤسسات التي ستسهر على تطبيق هذا الحكم الذاتي.

5) الحكم الذاتي بين التمكين والتفكيك

إن الحكم الذاتي للصحراء المغربية ليس نهاية للنزاع، بل بداية جديدة لمعادلة معقدة. نجاحه يتطلب أكثر من مجرد نصوص قانونية؛ يتطلب ديمقراطية حقيقية، ثقة، مؤسسات راسخة، ونظرة استراتيجية طويلة الأمد. وبين فشل كردستان العراق وتوتر كتالونيا الاسبانية، يمكن للمغرب أن يبتكر نموذجا خاصا به يثبت فيه أن الحكم الذاتي ليس تنازلا، بل خيارا سياديا لبناء دولة ديمقراطية موحدة بتعددية قوية.

 

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق