ظل الحضور الجماهيري لمباريات كأس العالم للأندية، المُقامة حاليًّا في الولايات المتحدة الأمريكيَّة، صداعًا في رأس مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم، حتى قبيل انطلاق البطولة بأيام قليلة. وكانت المخاوف كبيرة لدى مسؤولي الفيفا، لكن جماهير الفرق العربيَّة، وفرق أمريكا الجنوبيَّة، أضفت زخمًا خاصًّا على المباريات.

بينما ظلَّت هذه المخاوف قائمة، بعد مشاهد بعض المباريات بمدرجات تكاد أنْ تكون خاوية، وبدا الحضور الجماهيري فيها محدودًا للغاية .

وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يأمل في أنْ تؤدِّي النسخة الموسعة من البطولة التي تضم العديد من أفضل الأندية في العالم إلى زيادة الحماس تجاه كرة القدم في بلد كانت الآراء فيه تجاه اللعبة الشعبيَّة الأولى في العالم متناقضة، وذلك في ظل استعداد أمريكا لاستضافة كأس العالم 2026 بالاشتراك مع كندا والمكسيك.

جماهير الفرق العربيَّة

ورغم تراجع نتائج الفرق العربيَّة في كأس العالم للأندية 2025، إلَّا أنَّ جماهيرها سجلت حضورًا كبيرًا في الملاعب، بداية الهلال الذي لم يتوقف مشجِّعوه عن التشجيع طوال مباراتيه ضد ريال مدريد وسالزبورغ. إلى الأهلي المصري، إلى الوداد المغربي، والعين الإماراتي، والترجي التونسي. وعاد القلق من قلة الحضور الجماهيري، بعد خروج 3 فرق عربيَّة دفعة واحدة، أضفى حضور جماهيرها قيمة مضافة على المباريات، وحقق الرِّضا لدى مسؤولي الفيفا.

فقد خرجت فرق الأهلي المصري، والعين الإماراتي، والوداد المغربي، بينما يصارع الهلال للدفاع عن حظوظه في التأهل، ومعه الترجي التونسي.

ومع بيع نحو 1.5 مليون تذكرة بعد أيام فقط من انطلاق البطولة، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين عدد الجماهير في الملاعب المضيفة للبطولة.

في مباراتين فقط، استحوذت جماهير بوكا جونيورز الأرجنتيني على ملعب هارد روك، وحولته إلى ملعب بومبونيرا الخاص بفريقها، لتملأه بشغف لا مثيل له في كأس العالم للأندية.

وشكل مشجِّعو بوكا غالبية الجماهير التي حضرت المباراة ضد بنفيكا، وبلغ عددها 55 ألفًا و574 متفرجًا، وكان الأمر مشابهًا في المباراة التي فاز فيها بايرن ميونخ 2-1 على الفريق الأرجنتيني يوم الجمعة الماضي وحضرها 63 ألفًا و587 مشجعًا.

وقال فينسن كومباني مدرب بايرن بعد مباراة بوكا «كانت مسيرتي (كلاعب) طويلة، وشاهدت خلالها كثيرًا، إلَّا أنَّ هناك أوقاتًا أريد أنْ أعود فيها لاعبًا بعض الوقت، وكانت الليلة واحدة من تلك الأوقات».

وأضاف «إنَّهم (جماهير بوكا جونيورز) مميَّزون. كان الجمهور متحمِّسًا بأفضل طريقة ممكنة. هذا ما أحبُّه في كرة القدم. كثير من المشجِّعين سيدفعون المال لمشاهدة ذلك».

إنَّ الأجواء التي صنعها مشجِّعو بوكا، إلى جانب حضور نجم إنتر ميامي ليونيل ميسي في المباراة الافتتاحيَّة للبطولة، وزيارة ريال مدريد، جعلت من ملعب هارد روك بمثابة عاصمة كرة القدم في أمريكا بمتوسط حضور جماهيري بلغ 60 ألفًا و626 متفرجًا.

تبلغ سعة ملعب هارد روك، الذي استضاف مباراة السوبر بول (نهائي دوري كرة القدم الأمريكية) ست مرات، نحو 66 ألف متفرج.

ومع تحقيق بوتافوجو فوزًا مفاجئًا 1-صفر على باريس سان جيرمان الفائز بدوري أبطال أوروبا، وانتصار فلامنجو 3-1 على تشلسي فإنَّ الأسبوع الأول، كان جيدًا للأندية البرازيليَّة في البطولة التي توسَّعت إلى 32 فريقًا بعدما كانت تضم سبعة فرق فقط.

وقال مدرب مانشستر سيتي بيب جوارديولا للصحفيين «أحب عندما أرى بوتافوجو وكل الفرق البرازيليَّة والفرق الأرجنتينيَّة وكيف يحتفلون؟ وكيف يكونون معًا؟ أحبهم».

وأضاف: «أحب كيف أنَّ جميع المباريات متقاربة، باستثناء مباراة أو اثنتين، الناس يتفاجأون بخسارة الفرق الأوروبيَّة، لكن مرحبًا بكم في العالم الحقيقي. مرحبًا بكم في العالم الحقيقي يا أصدقائي».

«أجواء غريبة»

بينما لم تواجه بعض المدن المضيفة، أيَّ مشكلة في الحضور الجماهيري، بما فيها لوس أنجلوس، التي استقبلت 80 ألفًا و619 شخصًا في ملعب روز بول لحضور مباراة باريس سان جيرمان، وأتلتيكو مدريد، عانت مدن أخرى.

وانطلقت مباراة أولسان ضد ماميلودي صن داونز في الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي في أورلاندو أمام 3412 مشجعًا في ملعب إنتر آند كو الذي يتسع لأكثر من 25 ألف متفرج، بينما لم يحضر مباراة الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي في سينسيناتي يوم الأربعاء بين باتشوكا وسالزبورج سوى 5282 متفرجًا في ملعب تي كيو إل، الذي يبلغ عدد مقاعده 26 ألف مقعد.

وقال إنزو ماريسكا مدرب تشلسي الإنجليزي للصحفيين بعد فوزه فريقه 2-صفر على لوس أنجلوس إف سي أمام أكثر بقليل من 22 ألف مشجع في ملعب مرسيدس بنز في أتلانتا، الذي يتسع لأكثر من 70 ألف متفرج «كانت الأجواء غريبة بعض الشيء».

ويواجه المنظِّمون تحدِّيًا كبيرًا يتمثَّل في ملء المدرجات في الملاعب الضخمة، التي غالبًا ما تستخدم في الرياضة التي تمثِّل إدمانا للشعب الأمريكي، كرة القدم الأمريكية، مع إقامة أربع مباريات في اليوم الواحد في دور المجموعات.

وبينما تكثر الملاعب الصغيرة المخصصة لكرة القدم في الولايات المتحدة، فإنَّ كأس العالم للأندية تمنح المنظِّمين فرصة لاختبار بعض الملاعب التي يتوقع فيفا أنْ تمتلئ عن آخرها في كأس العالم 2026.