في كل مرة يجلس الإيطالي أنطونيو كونتي، مدرب فريق نابولي الأول لكرة القدم، على طاولة التفاوض مع مسؤولي النادي الراغب باستقطابه يطرح عليهم سؤالًا واحدًا منذ 15 عامًا وهو هل «تستطيعون جلب روميلو لوكاكو»؟.
تبرز قصة الثنائي روميلو لوكاكو وأنطونيو كونتي كنموذج فريد للانسجام والتفاهم المتبادل، فما بين المدرب الذي لا يعرف التنازل عن قناعاته، والمهاجم الذي يمتلك عقلية لا تلين، نسج الاثنان خيوط تحالفٍ كروي أثمر عن نجاحات لافتة.
بدأت شرارة هذا التفاهم عندما حاول كونتي ضم لوكاكو للمرة الأولى في تشيلسي، وذلك قبل أن يتجه الأخير لمانشستر يونايتد، فكونتي لطالما رأى في لوكاكو مهاجمًا استثنائيًّا يجمع بين القوة البدنية والسرعة في الركض، إضافة إلى قدرته على الاحتفاظ بالكرة والتمرير لزملائه الموهوبين، هذه الصفات الفنية التي يندر اجتماعها في مهاجم واحد جعلت كونتي يضع لوكاكو على رأس أولوياته في كل محطة تدريبية.
ومع عودة كونتي إلى إيطاليا لتدريب إنتر ميلان، كانت الفرصة مواتية أخيرًا لجمع الشمل بينهما، وعلى الرغم من التكلفة القياسية لصفقة لوكاكو آنذاك، إلا أن كونتي كان يدرك تمامًا قيمة هذه الخطوة، ففي موسم واحد فقط قاد الثنائي إنتر ميلان إلى لقب الدوري الإيطالي، ليثبت لوكاكو أنه لم يكن مجرد مهاجم يسجل الأهداف، بل كان القلب النابض للهجوم، وقطعة النرد في منظومة كونتي التكتيكية التي تعتمد على الانضباط والروح القتالية.
وبعد رحيل كونتي عن إنتر، بسبب خلافات إدارية، غادر لوكاكو أيضًا إلى تشيلسي، في خطوة لم تكلل بالنجاح، وعلى الرغم من عودته إلى إنتر على سبيل الإعارة، إلا أن بريقه خفت نسبيًّا، ومع اقتراب موسم 2024 من نهايته، بدت خيارات لوكاكو محدودة، وهنا تدخل كونتي مرة أخرى، بعد أن تولى مسؤولية تدريب نابولي، فكانت مكالمته الأولى مع لوكاكو، كدليل على الثقة المطلقة التي يوليها المدرب لمهاجمه المفضل، فكلاهما كان بحاجة إلى الآخر، ليجد كل منهما في رفيقه النجم الهادي الذي يبدد ظلام التحديات.
في تصريحاته، لم يخفِ كونتي إعجابه بشخصية لوكاكو، واصفًا إياه بالرجل الطيب الذي يضع يده في النار من أجله، أما لوكاكو فقد وصف كونتي بمعلمه الذي غيَّر مسيرته لاعبًا، مؤكدًا أنه تعلم منه الكثير، ليس فقط على المستوى التكتيكي، بل أيضًا على مستوى القوة العقلية، فلوكاكو يرى في كونتي مدربًا يدفع به إلى مستويات أعلى، سواء ذهنيًّا أو بدنيًّا، لأنه يمتلك عقلية الفوز ويكره الخسارة، وهذا ما يفسر التفاهم العميق بينهما، حيث لا يحتاج كونتي إلى شرح خططه، ولا يستغرق لوكاكو وقتًا طويلًا لفهم ما يريده منه مدربه.
واليوم، في نابولي سطر الثنائي قصة نجاح جديدة مكررين ذات المنجز الذي حققاه قبل 4 أعوام مع إنتر ميلان بعد فوزهم بلقب الدوري الإيطالي للمرة الثانية معًا بقميص مختلف، وهذه المرة مع العملاق الجنوبي «البارتينوبي».